ربي لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين.. | Islamic cartoon, Anime muslim, Muslim couples
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: إن هذه أمتكم أمة واحدة قال: إن هذا دينكم دينا واحدا. وأخرج ابن جرير عن مجاهد مثله. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة نحوه. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله: وتقطعوا أمرهم بينهم قال: تقطعوا اختلفوا في الدين. وأخرج الفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله: وحرام على قرية أهلكناها قال: وجب إهلاكها أنهم لا يرجعون قال: لا يتوبون. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس أنه كان يقرأ ( وحرم على قرية) قال: وجب على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون كما قال: ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون [ يس: 31]. وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة وسعيد بن جبير مثله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: من كل حدب قال: شرف ينسلون قال: يقبلون ، وقد ورد في صفة يأجوج ومأجوج وفي وقت خروجهم أحاديث كثيرة لا يتعلق بذكرها هاهنا كثير فائدة.
قال النحاس: والآية مشكلة ومن أحسن ما قيل فيها وأجله ما رواه ابن عيينة وابن علية وهشيم وابن إدريس ومحمد بن فضل وسليم بن حبان ومعلى عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس في معنى الآية قال: واجب أنهم لا يرجعون: أي لا يتوبون. قال الزجاج وأبو علي الفارسي: إن في الكلام إضمارا ، أي وحرام على قرية حكمنا باستئصالها ، أو بالختم على قلوب أهلها ، أن يتقبل منهم عمل لأنهم لا يرجعون ، أي لا يتوبون. حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج حتى هذه هي التي يحكى بعدها الكلام ، على حذف المضاف ، وقيل: إن حتى هذه هي التي للغاية. والمعنى: أن هؤلاء المذكورين سابقا مستمرون على ما هم عليه إلى يوم القيامة ، وهي يوم فتح سد يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون الضمير ليأجوج ومأجوج والحدب كل أكمة من الأرض مرتفعة والجمع أحداب ، مأخوذ من حدبة الأرض ، ومعنى ينسلون يسرعون ، وقيل: يخرجون. قال الزجاج: والنسلان مشية الذئب إذا أسرع. يقال نسل فلان في العدو ينسل بالكسر والضم نسلا ونسولا ونسلانا: أي أن يأجوج ومأجوج من كل مرتفع من الأرض يسرعون المشي ويتفرقون في الأرض ، وقيل: الضمير في قوله: وهم لجميع الخلق ، والمعنى أنهم يحشرون إلى أرض الموقف وهم يسرعون من كل مرتفع من الأرض.
وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون وتقطعوا أمرهم بينهم كل إلينا راجعون فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين. قوله: وزكريا أي واذكر خبر زكريا وقت ندائه لربه قال رب لا تذرني فردا أي منفردا وحيدا لا ولد لي. وقد تقدم الكلام على هذه الآية في آل عمران وأنت خير الوارثين أي خير من يبقى بعد كل من يموت ، فأنت حسبي إن لم ترزقني ولدا فإني أعلم أنك لا تضيع دينك وأنه سيقوم بذلك من عبادك من تختاره له وترتضيه للتبليغ. فاستجبنا له دعاءه ووهبنا له يحيى. وقد تقدم مستوفى في سورة مريم وأصلحنا له زوجه. قال أكثر المفسرين: إنها كانت عاقرا فجعلها الله ولودا ، فهذا هو المراد بإصلاح زوجه ، وقيل: كانت سيئة الخلق فجعلها الله سبحانه حسنة الخلق ، ولا مانع من إرادة الأمرين جميعا ، وذلك بأن يصلح الله سبحانه ذاتها ، فتكون ولودا بعد أن كانت عاقرا ، ويصلح أخلاقها فتكون أخلاقها مرضية بعد أن كانت غير مرضية ، وجملة إنهم كانوا يسارعون في الخيرات للتعليل لما قبلها من إحسانه سبحانه إلى أنبيائه عليهم الصلاة والسلام.
رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ [ ( [1]). هذه الدعوة الطيبة المباركة الثانية لزكريا عليه السلام ذكرها المؤلف حفظه اللَّه تعالى ووفقه عقب الدعوة الأولى له، فتلك جاءت بلفظ حصول المطلوب الذي يرغبه وهو الولد بصيغة الطلب، وهذه جاءت بطلب عدم وقوع ما يكرهه في أن يكون فرداً دون ولد، وهو متضمن لسؤال اللَّه تعالى أن يرزقه ولداً، وكلا الدعوتين فيهما من كمال الأدب وحسنه في سؤال رب العالمين كما ترى، والعبد يتخير في مناجاة ملك الملوك الوسائل النبيلة التي تليق في الثناء والطلب على ربه الكريم. ﴿ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً ﴾ دعا ربه دعاءً خفياً منيباً قائلاً: ربي لا تتركني وحيداً بلا ولد ولا وارث. ﴿ وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ﴾: أي أنت خير من يبقى بعد كل من يموت، فيه مدح له تعالى بالبقاء، وإشارة إلى فناء من سواه من الأحياء، وفي ذلك استمطار لسحائب لطفه عز وجل توسّل إليه بما يناسب مطلوبه باسمه تعالى: ﴿ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ﴾، بل أتى على وزن (افعل) للتفضيل زيادة في المبالغة في الثناء على اللَّه تعالى، استعطافاً للإجابة. فاستجابسبحانه وتعالى لدعائه، ورزقه نبياً صالحاً سمّاه اللَّه تعالى ﴿ يَحْيَى ﴾ عليه السلام وجعل امرأته ولوداً، بعد أن كانت عاقراً، دلالة على كمال قدرته سبحانه وتعالى الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
ثم أخبر سبحانه بأن مرجع الجميع إليه فقال: كل إلينا راجعون أي كل واحد من هذه الفرق راجع إلينا بالبعث ، لا إلى غيرنا. فمن يعمل من الصالحات أي من يعمل بعض الأعمال الصالحة ، لا كلها ، إذ لا يطيق ذلك أحد وهو مؤمن بالله ورسله واليوم الآخر فلا كفران لسعيه أي لا جحود لعمله ، ولا تضييع لجزائه ، والكفر ضد الإيمان ، والكفر أيضا جحود النعمة وهو ضد الشكر ، يقال كفر كفورا وكفرانا ، وفي قراءة ابن مسعود ( فلا كفر لسعيه) ، وإنا له كاتبون أي لسعيه حافظون ، ومثله قوله سبحانه: أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى [ آل عمران: 195]. وحرام على قرية أهلكناها. قرأ زيد بن ثابت وأهل المدينة وحرام وقرأ أهل الكوفة ( وحرم) وقد اختار القراءة الأولى أبو عبيد وأبو حاتم ، ورويت القراءة الثانية عن علي وابن مسعود وابن عباس: وهما لغتان مثل حل وحلال. وقرأ سعيد بن جبير ( وحرم) بفتح الحاء وكسر الراء وفتح الميم. وقرأ عكرمة وأبو العالية ( حرم) بضم الراء وفتح الحاء والميم ، ومعنى أهلكناها قدرنا إهلاكها ، وجملة أنهم لا يرجعون في محل رفع على أنه مبتدأ وخبره حرام ، أو على أنه فاعل له ساد مسد خبره. والمعنى: وممتنع ألبتة عدم رجوعهم إلينا للجزاء ، وقيل: إن لا في لا يرجعون زائدة: أي حرام على قرية أهلكناها أن يرجعوا بعد الهلاك إلى الدنيا ، واختار هذا أبو عبيدة ، وقيل: إن لفظ حرام هنا بمعنى الواجب: أي واجب على قرية ، ومنه قول الخنساء: وإن حراما لا أرى الدهر باكيا على شجوه إلا بكيت على صخر وقيل: حرام: أي ممتنع رجوعهم إلى التوبة ، على أن لا زائدة.
وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن مُحَمَّد الطَّنَافِسِيّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن فُضَيْل حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق عَنْ عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ عَنْ عَبْد اللَّه بْن حَكِيم قَالَ خَطَبَنَا أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْد فَإِنِّي أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّه وَتُثْنُوا عَلَيْهِ بِمَا هُوَ لَهُ أَهْل وَتَخْلِطُوا الرَّغْبَة بِالرَّهْبَةِ وَتَجْمَعُوا الْإِلْحَاف بِالْمَسْأَلَةِ فَإِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَثْنَى عَلَى زَكَرِيَّا وَأَهْل بَيْته فَقَالَ " إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَات وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ". المصدر نقلته باختصار من منقول
فالضمير المذكور راجع إليهم ، وقيل: هو راجع إلى زكريا وامرأته ويحيى. ثم وصفهم الله سبحانه بأنهم كانوا يدعونه رغبا ورهبا أي يتضرعون إليه في حال الرخاء وحال الشدة ، وقيل: الرغبة: رفع بطون الأكف إلى السماء ، والرهبة رفع ظهورها ، وانتصاب رغبا ورهبا على المصدرية: أي يرغبون رغبا ويرهبون رهبا ، أو على العلة: أي للرغب والرهب ، أو على الحال: أي راغبين وراهبين. وقرأ طلحة بن مصرف ويدعونا بنون واحدة ، وقرأ الأعمش بضم الراء فيهما وإسكان ما بعده ، وقرأ ابن وثاب بفتح الراء فيهما وفتح ما بعده فيهما وكانوا لنا خاشعين أي متواضعين متضرعين. والتي أحصنت فرجها أي واذكر خبرها ، وهي مريم ، فإنها أحصنت فرجها من الحلال والحرام ولم يمسسها بشر ، وإنما ذكرها مع الأنبياء وإن لم تكن منهم لأجل ذكر عيسى ، وما في ذكر قصتها من الآية الباهرة فنفخنا فيها من روحنا أضاف سبحانه الروح إليه ، وهو للملك تشريفا وتعظيما ، وهو يريد روح عيسى وجعلناها وابنها آية للعالمين قال الزجاج: الآية فيها واحدة لأنها ولدته من غير فحل ، وقيل: إن التقدير على مذهب سيبويه: وجعلناها آية وجعلنا ابنها آية كقوله سبحانه والله ورسوله أحق أن يرضوه [ التوبة: 62] ، والمعنى: أن الله سبحانه جعل قصتهما آية تامة مع تكاثر آيات كل واحد منهما ، وقيل: أراد بالآية الجنس الشامل ، لما لكل واحد منهما من الآيات ، ومعنى أحصنت عفت فامتنعت من الفاحشة وغيرها ، وقيل: المراد بالفرج جيب القميص: أي أنها طاهرة الأثواب ، وقد مضى بيان مثل هذا في سورة النساء ومريم.
Sitemap | puttingteachersfirst.com, 2024